الموقع قيد التحديث!

ألف سنة على التوحيد

بقلم المرحوم الشيخ سميح ناطور
Share on whatsapp
Share on skype
Share on facebook
Share on telegram

لقد أكملت دعوة التوحيد الدرزية ألفيتها الأولى خلال عام 2017 وبدأت بألفيتها الثانية، وهذا حدث مصيري، له اعتبار، وله أهمية، ولا يمكن أن يمرّ مر الكرام، دون أن يستقطب الأنظار، ويلفت الانتباه، ويسترعي الاهتمام، أولا لكون الطائفة الدرزية، استطاعت أن تثبت وجودها خلال هذه المدة، وأن تبرهن عن قدراتها، وأن تجعل الآخرين ينظرون إليها بعين الاعتبار، بالرغم من قلة عددها، وانزوائها في رؤوس الجبال، وثانيا أن الطائفة الدرزية، لم تكن في هذه الفترة، قبيلة همجية عاشت في منطقة  محصورة في الشرق ولم يهتم بها أحد، إنما كانت الطائفة الدرزية في قمة الاهتمام والوعي، وحقّقت إنجازات كثيرة، واستطاعت أن تؤثّر على المحيط حولها، وأن يكون لها بصمات مميزة في تاريخ الشرق وفي تاريخ العالم. وقد ورد حسب إحصائيات الأمم المتحدة، أنه يعيش في الشرق الأوسط، حوالي 500 طائفة غير الإسلام، وهناك طوائف أكبر بكثير من الطائفة الدرزية، التي يبلغ عددها اليوم حوالي مليونين فقط. لكن تأثير وتواجد الدروز في المنطقة، كان وما زال أمرا محسوسا، لا يمكن التغاضي عنه، وبالرغم من أن الدروز يعيشون في أكثر من دولة، وهذه الدول متواجدة في حالة عداء، إلا أن الدروز استطاعوا أن يوفّقوا بين متطلباتهم المحلية، ومبادئهم العامة، وأن يحاولوا أن يكونوا جسر سلام بين الدول المتنافرة، فكل تواجد درزي، برهن عن إخلاص متشدد للكيان الذي يعيش فيه، دون أن يحسب حساب الثمن. ففي كل هذه الدول، يتجنّد الشباب الدروز في جيش الدولة، ويقومون بحماية دولتهم، التي يعيشون فيها، ويبذلون الغالي والرخيص من أجل أمنها وسلامتها، وقد كلّف ذلك أبناء الطائفة الدرزية، استشهاد عدد كبير من أبنائهم، وجرح أعداد أكبر. ومع هذا، ظل الدروز مخلصين للدولة التي يعيشون فيها، ولم يكن لهم أي محاولة لإيجاد مرجعية طائفية خارج حدود الدولة. بالإضافة إلى ذلك، وفي أواخر القرن التاسع عشر، عندما هبّت الجموع من الشباب والعائلات في بلدان الشرق، واجتاحت العالم، وخاصة القارتين الأمريكيتين، كان بينهم عدد لا بأس به من أبناء الطائفة الدرزية، استطاعوا أن يثبّتوا جذورهم هناك، وأن يتقدموا، وأن ينجحوا، وأن يرفعوا اسم الطائفة، وأن يساعدوا من لم يحالفه الحظ من أبناء طائفتهم، أن يعود إلى بلده في الشرق، حيث يوجد له أهل ومعارف، ولكي لا يكون عالة أو متسولا أو مجرما في دولة الاغتراب.

وكانت “العمامة” أول من لفت النظر إلى حقيقة مرور ألف عام مع بداية عام 2017، وقمنا بنشر ذلك في مواقع الإنترنت، واليوتيوب، والفيسبوك. وتوقعنا أن تأخذ المؤسسات الدرزية هذا الموضوع بعين الاعتبار، وأن تقوم بتنظيم نشاطات، ومؤتمرات، وأيام دراسية، ونشر إصدارات ومؤلفات، تحيي هذا الحدث، وتجمل الألف سنة الأولى، وتذكر محاسن ومناقب ومزايا أبناء الطائفة الدرزية الكثيرة. لكن طال انتظارنا، وفقط بعد انتهاء عام 2017، واقتراب عام 2018 على النهاية، استبشرنا بمبادرة لإخواننا في لبنان، حيث قامت الجامعة الأمريكية في بيروت، بالتنسيق مع مشيخة العقل، ومع إدارة الحزب التقدمي الاشتراكي، بتنظيم مؤتمر استغرق يومين في الجامعة الأمريكية، باشتراك عدد كبير من المحاضرين الدروز وغير الدروز، استعرضوا في محاضراتهم أوجه مختلفة من التواجد الدرزي حتى اليوم. وفي منتصف شهر تشرين ثاني، بادر الشيخ يعقوب سلامة، مدير قسم الطوائف في زارة الداخلية، بالدعوة إلى يوم دراسي، بمناسبة مرور ألف سنة على بدء الدعوة، جرى في مقام سيدنا شعيب عليه السلام، بالتنسيق مع الرئاسة الروحية، والمحكمة الدينية الدرزية، ضم عدة محاضرات. ونحن نعتبر هاتين المبادرتين، خطوتين إيجابيتين في مشروع طويل، يقوم به المثقفون والمسئولون الدروز، للاهتمام بهذا الموضوع، وإعطاء الجموع الدرزية حقها، في ذكر تاريخها، ومزاياها، وقدراتها.

هذا، وسوف تخصص مجلة “العمامة”، إن شاء الله، بالتنسيق مع الرئاسة الروحية، والشيخ يعقوب سلامة، العدد القادم من مجلة “العمامة”، والذي سيصدر بمناسبة الزيارة السنوية لمقام سيدنا الخضر (ع)، لنشر معلومات وافية عن هذا الحدث وأهميته وأبعاده .

مقالات ذات صلة: